الفصل الأول - تحديات داخلية المبحث الأول - التفرق والاختلاف: نعني بالتفرق والاختلاف; هذا الذي ترسخ بين شعوب الأُمة الإسلامية من اختلاف في المفاهيم والأحاسيس، واختلاف في الطباع والعادات واختلاف في نظم المعيشة ووسائل الحياة، واختلاف في اللغة واللهجات واختلاف حتى في الأهداف والغايات. مما نتج عنه تفرق الآراء والسياسات، واختلاف المواقف وبعثرة الجهود. وذلك في زمن تتجمع فيه الشعوب مع بعضها البعض، رغم اختلاف أصولها وعاداتها، وطباعها ولغاتها، ومشاربها ومعتقداتها، تتجمع في وحدات معيشية، وفي دول قوية، تستجلب مهابة الناس، وتفرض احترامها عليهم. كما تحمي شعوبها من امتهان الآخرين، وعدوان المعتدين، وتوفر لهم المجتمع المتعاون، والحياة الكريمة. وانظر - على سبيل المثال - إلى الصين كدولة، أو إلى أوروبا كاتحاد، وقارن بين ماهو حاصل في هذه وتلك من التقارب والائتلاف، وبين ماهو حاصل بين شعوب الأُمة الإسلامية من تفرق واختلاف، على تشابه في اتساع الرقعة الجغرافية، وتقارب في عدد السكان، بين طرفي المعادلة. إن مقارنة كهذه; تصيب نفس المسلم بالصدمة والاكتئاب. ففي الصين التي نتقارب معها في عدد السكان، نظام واحد، ودولة واحدة، تنافس أقوى دول العالم قوة واقتصاداً. وعندنا نيّفٌ وخمسون دولة ونظاماً. أما قدرتنا الاقتصادية فهي تنوء من هذا التفرق والاختلاف، وأما موقعنا بين دول العالم; فهو لا يخفى على