العسكري أو الاقتصادي أو السكاني، ولذا فإن أنظمة الدول المستقلة لن تجد لها مكانا بارزاً إلا من خلال تكتلات كبرى بدت ملامحها من المجموعة الأوربية التي تشكل أقوى قوة اقتصادية، كما بدت هذه الصورة من خلال التداعي السريع لإنشاء كتلة - رغم هشاشتها وضعفها - لترث الكتلة الشيوعية المنهارة، وهي كتلة دول الكومنولث المستقلة، وكذا مجموعة الدول الصناعية، وما تتجه إليه منظومة دول جنوب شرقي آسيا من تكتل تبحث من خلاله عن مكان لها بين دول العالم الجديد وتبدو هذه الكتل من خلال التقاء المصالح الاقتصادية في عالم تتنافس فيه المصالح، بل تكاد تسير شؤون العلاقات الدولية المعاصرة بصورة شبه كاملة إلا أن هذه التكتلات لا تتوقف عند نقطة المصالح الاقتصادية بل تمد نظرها إلى أفق بعيد أرحب وأشمل للتحول بعد ذلك إلى كتل سياسية كبرى، ولعل نموذج الوحدة الأوربية واضح في هذا الأمر، فالعصر القادم هو عصر التكتلات أو المجموعات السياسية الكبرى الذي تحتفظ فيه الدول القطرية بشخصيتها القانونية ومكانتها وسيادتها، إلا أنها تدور في فلك واسع هو الكتلة التي تنتمي إليها. في ظل هذه التحولات الكبرى نجد أن الأُمة العربية والإسلامية تعيش واقعاً مغيبا، فحين يتجه العالم إلى التكتلات نجد أننا مازلنا نراوح مكاننا في رؤيتنا للتكتلات، فبعد تجارب مريرة كان دافعها العاطفة والمزايدات والشعارات الجوفاء نحو وحدة عربية شاملة وما تلي ذلك من تجارب نظرية وعملية فاشلة لم تجن منها الأُمة إلا الفشل والدمار وغياب الحريات وسيادة الرأي الواحد والفكر الواحد والحزب الواحد، وعجزت كل المشروعات الوحدوية عن تحقيق الحد الأدنى من ذلك، بل كانت تجربة مريرة عندما تحققت بعض نماذج هذه الوحدة. وفي ظل ذلك تجسدت الدولة القطرية وأصبحت واقعاً قانونيا لابد من التعامل