الوعي بالتطورات السياسية العالمية وآثارها على المجتمعات الإسلامية»([94]). ان الذي يطالع صفحات التاريخ يجدها حقيقة لا ريب فيها ولا مواراة، ان مفردات كانت تتردد على كل الشفاه، لا يمكن لأحد أن ينكرها أو أن يغظ الطرف عنها أو أن يمر عليها مرور الكرام.. الكل كان قد التزم بها كثوابت وأصول، وكانت بمثابة المحور الأساسي للانتفاضة، والغضب الجماهيري ضد القوات البريطانية الغازية، وهذه المفردات عبارة عن الجهاد في سبيل اللّه، والدفاع عن الحرمات والعتبات المقدسة، والذود عن كرامة الأُمة والتفاني من أجل التربة والوطن. «ان جماهير الفلاحين والبدو وشغيلة المدن، هي التي اشعلت ثورة العشرين وتضورت بنارها، وكانت عمادها وقوتها، بالرغم من أن قيادة الثورة كانت تتكون من شيوخ القبائل ورجال الدين والبرجوازية الوطنية»([95]). التضحية والايثار، وتحمّل مصاعب الجهاد وأعباء المسؤولية لم تأت اعتباطاً وإنما كانت مستندة على قيم ومعتقدات، تلك القيم التي ترسخت في ضمير الجماهير.. وقدّموا من أجل تحقيقها الغالي والنفيس... ولبّوا نداء الجهاد الذي انطلق من حناجر علماء الدين والقيادات الوطنية المخلصة وشيوخ العشائر.. تأدية للواجب المقدس في الذود عن الدين الذي كان مهدداً بحراب الغزاة. والوطن الذي كان مسيلاً للعاب الطامعين. والذي له مسحة من الانصاف والموضوعية، واراد تقييم الثورة وقيادتها، فمهما يكن انتماؤه الفكري والسياسي، فانه لا يمكن أن يتغافل عن دور الفكر والثقافة