وطالما أن الأُمة الإسلامية تحمل بين جنباتها تراثاً عظيماً ومتكاملاً، فانها قادرة على التصدي للأزمات الداخلية والخارجية التي تعصف بها، وهي قادرة أيضاً على التفاعل وبشكل مستمر مع القيادة العلمائية المخلصة التي تمثل السماء وأخلاق الانبياء وصفح النبلاء. ان التفاعل الحيوي والمثمر بين العلماء والأمة له أبعاد حقيقية لا تقتصر على حياة الإنسان الدنيوية فحسب، بل تتعداها إلى الحياة الأبدية في الآخرة، وان هذا التفاعل تربطه أواصر أوثق من الصلات التي تربط بين القيادة والأمة في المجتمع المادي، البعيد عن قداسة الوجود وكمالات النفس ومراتب الاخلاق والمناقب الإنسانية. فيمكن أن تكون الاواصر المادية مقتصرة على المنافع الشخصية الآنية دونما ملاحظة قيم وأخلاق وتعهدات، بيد أن هذه المعاني يمكن مشاهدتها بوضوح في العلاقة التي تربط بين الأُمة الإسلامية وعلمائها الابرار من جهة، وبين المسلمين في تعاملهم مع بعضهم البعض، وفي تعاملهم مع الشعوب وبقية الأطر الفكرية والثقافية السائدة في العالم من جهة ثانية، وكيفية التعاطي مع الاحداث والازمات والوقائع حسبما تتطلبه الظروف القاهرة وحسبما تقتضيه الإمكانات المتاحة من جهة ثالثة. فلو أخذنا شعب العراق أبان ثورة العشرين بنظر الاعتبار فانه قد عاش في كنف قائد قادر على أن يحقق له آماله ويخفف عنه آلامه، انه إلتف حول قيادة الامام الشيخ محمد تقي الشيرازي، الذي جمع بين ذرابة السيف وذلاقة القلم، ذلك القائد الذكي والسياسي الشريف، الذي انتهل من ينبوع الإسلام الخالد، استطاع من أن يجنّد كل الطاقات ويشحذ كل الهمم في مدة قصيرة، ويخلّص العراق وشعبه