ـ(360)ـ ختاماً إن بحث التعددية لهو من الأبحاث المطروحة للدراسة والنقاش اليوم حيث تختلف الدراسات نفياً وإثباتاً إيجاباً وسلباً في تناولها للتعددية ومما عقّد أجواء التحقيق أكثر في هذه المسألة هو تيه المحقق بين قيمتين أساسيتين لا يمكن أن يتنازل عنها وهما إقرار الصراط المعرفي السوي من ناحية والحفاظ على هدوء تعامل الرؤى المختلفة مع بعض. وجل من خاض عباب هذا اليم أحس أن هاتين القيمتين تعيشان حالة التنافر والتباعد على نحو يعسر بل يستحيل الإصلاح بينهما. فكل من تعامل إيجابياً مع القيمة المعرفية لفكرة ما إلا وتعامل سلباً مع غيرها في الممارسة. وكل من يتعامل إيجابياً مع غيره اضطرّ للتنازل عن القيمة المعرفية لفكرته. وقد يكون مردّ هذا الإحساس عند هؤلاء ظنهم ان الطريق الذي من خلاله نتعامل مع القيمة المعرفية للذات هو نفسه الذي يحدد الممارسة مع الغير غير اننا كما رأينا هنا. إن تفصيل المسألة وتوزيع البحثين ينقل حالة التعارض إلى وضع يتكامل فيه كلا الجانبين فالقية المعرفة ناظرة للمعرفة فلابد أن تناقش كذلك وبحث التعامل مع الغير والوحدة هي من مسائل الممارسة التي يجب أن تبحث داخل نظام سلوكي اجتماعي وقد تكون الدراسة أعطت لكل ذي حق حقه بذلك فلم نفدي المعرفة لأجل الوحدة ولم نقض على الوحدة لأجل المعرفة بل ان المعرفة والوحدة يتكاملان ليصوغان منظومـة نظرية وعملية قد تكـون شخّصنا مثلها الأعلى في الدين الإسلامي الحنيف. اللهم نسألك وندعوك أن توفقنا لما فيه خير الفكر والعمل وتهدينا صراطه المستقيم.