ـ(320)ـ خلال إلقاء نظرة على واقع الأمة لوجدنا أن المسألة تتعقد أكثر، فالتعددية أمر ملاحظ نشهده من خلال تعدد المذاهب الفقهية والنحل العقائدية والمدارس الفطرية وكلاً يدعي وصلاً بليلى وكل يؤمن بصراطه المستقيم وما يخلفه هذا الواقع التعددي من إفرازات سياسية واجتماعية والتاريخ حافل بالأمثلة فمن القتال المذهبي مردوداً بالإقصاء الطائفي للتغير العقائدي وما إلى ذلك من مآسي، ففي هذا الخضم من هذه الممارسات قد نرى في التعدّدية أفضل نسخة علاجية لأمراض الإنسانية عموماً والأمة الإسلامية خصوصاً ولكن سنواجه مآلي التعددية في المعرفة وعلى حساب الدين. ونحن هنا في تناولنا لموضوع التعددية ودراستها والتحقيق حولها نحاول استنطاق الدين لنظفر بحلّ يعالج المعرفة والسلوك في آن واحد ولعلّ هذا ما تدعيه الدراسة التي بين يديك أيها القارئ الكريم لنعرف كيف يمكن أن نحافظ على الدين وعلى المعرفة الحقّة والصحيحة الغير المتعددة في الوقت الذي لا نشهر السيف على غيرنا ونستعير اصطلاحات التكفير والتضليل، أو بأي نحو يمكن أن نوجه نقاشنا وانتقادنا لفكرة التعددية الدينية في الوقت الذي ننطلق فيه للحفاظ على سلامة تعايش المجتمعات المتخالفة مذهبياً ودينياً؟ ونحن نقوى هنا بطلان قول من يرى ان إلقاء فكرة ونظرية التعددية الدينية سيؤدي إلى الاختلافات المذهبية ودق ناقوس الحروب الصليبية، فما هو طريق إثباتنا لذلك؟ وإجابات هذه الأسئلة وغيرها تطرحها الدراسة عبر بيان التعددية الدينية وأقسامها، وعبر امتحان مدى ثبوت مبانيها أمام النقد، وما تقدمه الدراسة من معالجات واقتراحات. فهو بحث يجمع المعرفة والممارسة ويحاول أن يتناول موقف الدين كشاخص