ـ(311)ـ وقد نهر الخليفة الثاني أحد أقربائه لأنه طلب مالاً زيادة على حقه(1). رابعاً: مواساة الحاكم للناس في المستوى المعاشي من تعاليم النظام الاقتصادي في الإسلام هي بث روح الاخوة بين الطبقات، بالحث على الإنفاق والتصدّق، ومحاربة البذخ والثراء الفاحش، واكتساب المال بطريقة مشروعة، وهذه التعاليم تكون موجهة للحاكم أكثر من غيره، لتصديه للمسؤولية، وان عمله الدؤوب في تطبيق الإسلام لا يتيح لـه أي فرصة للثراء الفاحش لانّ الأموال التي في حوزة دولته هي أمانة بيده، وان ما يخصص لـه من بيت المال يقتصر على إشباع حاجاته الأساسية والضرورية وهذا ما يجعله مواسياً للرعية في المستوى المعاشي، ويمنعه من الثراء الفاحش، وعلى سبيل المثال ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يشرف على بيت المال بنفسه، ومع ذلك فانه اشترى من أحد اليهود طعاماً إلى أجل ورهنه درعاً لـه(2)، فلو كان يملك ثمن الطعام لدفعه إليه دون أن يعطيه رهناً. والحاكم الإسلامي مأمور بمواساة الرعية في المستوى المعاشي ليكون قادراً على التأثير عليها في إرشادها إلى الاستقامة على مبادئ الإسلام وقيمه، وان تتعالى على الموازين المادية وتنطلق نحو التكامل والسمو، وتصبر على الحرمان والفقر، ان وجدت في قدوتها زهداً ومواساة لها، قال الإمام علي عليه السلام: «انّ الله فرض على أئمة الحق أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره»(3). وقال أيضاً: ________________________________ [1]ـ شرح نهج البلاغة 12: 62. 2ـ نصب الراية 4: 319، عبدالله الزيعلي، دار إحياء التراث، بيروت، 1407 هـ، ط 3. 3ـ شرح نهج البلاغة 11: 32.