ـ(260)ـ ومن ثم تتأكد العالمية في مجتمع الإسلام، فهو لا يقصر القتال على تحقيق مصالح خاصة لأفراده موزعين أو جتمعين ولكنه يجعل نصرة المظلوم وتخليصه من ظلم ظالمه سببا يدعو للقتال، مع حبه للمسلم ورغبته فيه ـ ايا كان هذا المظلوم، وأيا كان هذا الظالم ـ، وان عالمية الإسلام ـ تلك القيمة التي تنبثق عن عقيدته ـ توجب على مجتمع الإسلام ألاّ يقطع الصلة بينه وبين الذين لا يدينون بالإسلام ماداموا لا يحاربونه ولا يمنعون دعوته ان تبلغ الناس، ولا يفسدون في الأرض ولا يعتدون على ضعيف. يدفعه عن الناس جميعاً، ويمنع الناس جميعاً ?كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ?(1). كل ما يريده ـ الإسلام ـ ان تترك لـه حرية الدعوة بين أهل الأرض جميعاً حتى يصلهم بالخير المطلق الذي جاء به وألاّ يقهر أتباعه على ترك عقيدتهم وان تتاح لـه القوة اللازمة لحمايتهم من العدوان عليهم واللازمة لتنفيذ شريعته بينهم. لم يكن القتال وسيلة من وسائل نشر الإسلام، لأن ذلك يحقق العصبية بمعناها الشرير الحقير، فليس الأمر كما يحلو لدعاة السوء أن يشيعوا عن الإسلام مستغلين ما صادف والصلة بين مجتمع الإسلام وبين هؤلاء يحددها وضعهم أنفسهم، فإن كانوا خارجين عن سلطان الإسلام ـ ممن لهم دين آخر أو ممن ليس لهم دين ـ فمجتمع الإسلام لا يحاربهم ولا يقاطعهم ولا يعاديهم ماداموا لا يحاربونه ولا يقاطعونه ولا يعادونه ولا يعتدون على مستضعف من غير المسلمين. ________________________________ 1 ـ سورة آل عمران: الآية: 110.