ـ(233)ـ بمعنى آخر لم تحول (الدولة) في الإسلام وعبر صيرورات تطورها التاريخي منذ تجربة المدينة من ملكية إلى جمهورية كما حدث في أوروبا ولا من دستورية إلى مؤقته كما في بعض نماذج الشرق الأدنى بل بقي النموذج المدني دالا على ذاته كاشفا عن عمق ارتباطه الوثيق بتجربة التشريع ونموذجه الذي تأسس في القرن الهجري الأول. هذا لا يعني ان ارتباط مفهوم الدولة بتجربة القرن الأول الهجري هو ارتباط ميكانيكي لصق بتلازم التجربة في جميع ممارساتها وأساليبها من دون إعمال ذهنية التطور على اجتهاداته ومقايسها في مجمل العقد المستعصية في الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتربية والأخلاق والعلاقات الخارجية والعلاقة مع الآخر بل ظلت «الدولة» في الإسلام مفهوما تطبيقيا مشدودا بقوة إلى مجال التطور السريع في مجمل الأنماط الطارئة والمستحدثة في الحركة الإنسانية التاريخية وهذا سر خلودها، على ان «الدولة» في الإسلام يخلدها تطورها ويجعلها مندكة بشكل فاعل في «ميكانزم» المكان والزمان لاتبارحه إلا وهو اقدر على تشخيص مصلحته ومصلحة أجياله، والتجربة التاريخية الإسلامية تتحدث ان المجتمع الذي عاصر علي بن أبي طالب عليه السلام وسنوات قيادته كان يتوق إلى أيام علي عليه السلام حين غزتها تيارات الجاهلية الأموية التي استبدلت مفهوم الدولة في الإسلام إلى ملك قبلي جاهلي لركائز النظرية وأسسها. على صعيد الأمة يطبق فقهاء العلوم السياسية على تفعليها لدور النظرية السياسية الحاكمة بـ«الاقتدار العالي المنبثق من الوجود السياسي لها» ولان الأمة آمنت بالإمامة مبدأ تطبيقيا لنظريتها السياسية الاجتماعية العقائدية فقد فعلت خلودها على مستوى الدولة عبر عدة مجالات شرعية، فالنظرية السياسية التي