ـ(225)ـ (واعلم يا مالك اني وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور وان الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك) وفي هذا دلالة كبيرة على عدة مجالات منها: ـ إن مسؤولية إظهار نموذج العدل الإسلامي الحقيقي مسألة تبقى على الدوام هم القيادة التي تبحث عن المعنى للعدل الاجتماعي لا الضرورة الظاهرية لـه في أوساط الناس. من هنا يوصي الإمام القائد واليه مالك بالعدل كأنقى نموذج يمكن ان يكرس فيه مالك صورة الدولة التي تقوم على العدل أليس بالعدل قامت السماوات والأرض. ـ في دعوة الإمام للعدل إضاءة لجانب معرفي كان على الدائرة الإسلامية توسيع دائرته وكشف دلالاته بلحاظ ان الإمام أكد لمالك ان مصر جرت عليها مشاريع دول امتازت بالجور تارة والعدل تارة أخرى، ولكي تكون مصر حالة عدل بالإسلام فإن الأمر يقتضي (حكما) من نوع مختلف، حكما يمتاز بالحزم أمام حالات النكوص والتهور والفوضى والعفو الاجتماعي لإضاءة المفهوم أكثر. ـ الإمام علي عليه السلام لم يول مالك الأشتر على إقليم مصر إلا بعد شعوره ان مالك دائم الاشتغال بأمور الولاة الذين كانوا يعملون في إطار الدولة الإسلامية، أولئك الذين من حيث يشعرون أو لا يشعرون يسيئون لحاكمية الإسلام من هنا كان الإمام يحذر الاشتر من الوقوع بنفس الملاحظات التي كان يعاني منها الولاة السابقون ولهذا إشارة من ان الإمام القائد كان يركز على ماهية الوحدة السياسية وانزلاقات الخروج منها.