ـ(222)ـ وإلا فإن قيام (اجتماع) بشري ـ مدني في دولة تدعوا إلى الإسلام من دون مادة اقتصادية ترعى مدنيته وتطوره وتكفل محروميه من أصحاب الدخول المحدودة يستحيل على هذا المجتمع الاستمرار بمشروع الاحياء. وإذا كان نظام الوحدة الاجتماعية لا يستقيم بناؤه إلا بكفالة وحدة للنظام الاقتصادي تعضده في حركته بأتجاه العمل النهضوي القادر على إسناد الدولة الإسلامية والدفاع عن ثغورها وتسنده في صيرورة جدله العقلي في المعرفة وبلورة مشروعه الخاص تعبيرا عن الفقر والطبقية والتخلف فإن القضاء كوحدة ثابتة من وحدات الفكر الإسلامي ودولته الإسلامية معني بالوحدتين الاقتصادية والاجتماعية وقد ذكر الشهيد الصدر في كتابه (اقتصادنا) ان الحاكم الشرعي (القيادة) لا يحق لـه مقاضاة السارق للوهلة الأولى قبل معرفة الدوافع الاقتصادية التي دفعته لارتكاب جريمة (السرقة) فربما قام بهذه الجريمة كونه (مضطراً) بالشكل الذي لم يستطع فيه من كبح جماح نفسه وهنا على الحاكم الشرعي (القيادة) ان تصون المجتمع الإسلامي (اجتماعيا) و (اقتصاديا) من خلال برنامج اقتصادي لا يدع مجالا للسرقة ولذلك كان يندر وجود فقير في شوارع الدولة الإسلامية التي كان يقودها الإمام علي عليه السلام ولعل حادثة الرجل (الذمي) الذي كان يتسول في الشارع خير مثال يمكن اعتماده في تقييم تجربة دولة علي عليه السلام فحين وجد الإمام (الرجل الذمي) على هذه الحالة في الشارع أومأ إلى من كان معه قائلا: ما هذا و (ما هذا) دلالة للظاهرة أي ان الإمام كان يؤشر على ظاهرة اجتماعية اقتصادية جديدة في سياق التجربة السياسية التي كان يقودها واستغرابه من وجود رجل فقير في دولته مما يشير إلى ان تجربة الإمام علي عليه السلام كانت أخذت بالاعتبار فهم وحدات الشريعة الإسلامية وعدم انفلات وحدة من هذه