ـ(221)ـ إمكانات العقل إزاء العمران فإن ماتلاها من وحدات فإن هذه الوحدات هي تعبير فلسفي صادق لمعنى الوحدة التشريعية الأولى، لذا عبرت وحدات الدولة والقانون مثلا عن سر الوحدة التشريعية وهكذا تندرج بقية العناوين في سياق فهم الشريعة وقدرتها في تمثيل الحياة. إن الشريعة الإسلامية التي أخذت على عاتقها قيادة الحياة والأمة معا أدركت وفق لغة القرآن والسنة ومدرسة أهل البيت عليه السلام وتراث الفقه والمعرفة ان وحداتها لا يمكن ان تكمل الواحدة الأخرى إلا وفق نسق يتعايش بممكناته الفكرية والعلمائية بصورة تبدو فيها الدولة والقانون والقضاء والعمران والتعزيرات ذات طابع توحيدي صارم قادر على الحياة وفق أي ظرف ومتغير سياسي أو اجتماعي سواء داخل إقليم الدولة الإسلامية أو ما يطرح في البيئات المدنية خارج حدودها. لنأخذ مثالا حيا على ذلك: الدولة الإسلامية مشروع لإحياء الأرض بما يعني الإحياء في لغة الفلاسفة من إحياء الأرض كأرض عميقا في تثوير إمكانات العقل وقدرته على فعل الحضارة بكافة أشكالها وأنماطها الاجتماعية، الثقافية، السياسية، الاقتصادية، الأخلاقية، وهذه الدولة لا يمكن إقامة حدودها إلا عبر إقامة وحداتها بالشكل الذي تقوم فيه كل وحدة تغذية الأخرى على نحو الأفئدة والتوظيف خدمة لهدف إعمار الأرض وإحيائها من هنا يبدو عسيرا إقامة وحدة للنظام الاجتماعي إذا لم يترافق معها وبشكل حيوي وحدة للنظام الاقتصادي، ذلك ان قيام (مجتمع) مدني لابد من وجود اقتصاد يكفل لهذه المدنية استمرارها وقدرتها على الحياة