ـ(161)ـ المصلين في العالم عندما يؤدون الصلاة بلغة واحدة هي اللغة العربية، أو يستمع إلى تلبيات الحجاج وهم يؤدون مناسك الحج ويرددون ألفاظه بلغة واحدة هي اللغة العربية سيدرك سرّاً من أسرار قدرة الإسلام على إنجاز المجتمع العالمي الذي عجزت الأيديولوجيات الأخرى عن تحقيقه، ونكتفي بهذا القدر من الإشارة إلى اللغة العربية. 4 ـ القبلة: وهي بعد عالمي مشترك بين الصلاة والحج، فهي القبلة التي يتجه إليها المسلمون في الصلاة، يوميا خمس مرات، والمحور الذي يطوف حوله الحجيج عند أدائهم للحج، كما إنها بعد مستقل بنفسه حيث يستحب الجلوس باتجاه القبلة. وفي الصلاة تلعب الكعبة دورين شعوريين عالميين، يتمثل الأول بترسيخ الشعور الوحدوي بين المسلمين، فالمسلمون في كل بيت وقرية ومدينة وبلد يتجهون في صلواتهم الخمسة إلى جهة واحدة، ولو قدر لنا الإشراف عليهم من أعلى والنظر إليهم عند أداء الصلاة لوجدنا العالم الإسلامي برمته عند شروع الصلاة يتحلق بدوائر متتالية تستوعب الأرض حول محور الكعبة في حلقات متداخلة ذات مركز واحد تتجه كافة النقاط نحوه، وهي صورة وحدوية رائعة تتكرر خمس مرّات في اليوم الواحد ويتمثل الثاني بانتزاع الشعور الوطني العنصري لدى المسلم وترويضه باتجاه العالمية، لأن المسلم حينما يقدس بقعة ليس من أرضه ويمنحها الولاء والأولوية على مسقط رأسه، إنّما يتلقى تربية مركّزة على المواطنة العالمية وتقليل الاتجاه نحو الوطنية الضيقة، وإذا لاحظنا إلى جنب ذلك ان محورية الكعبة ليست محورية أرض وإنّما هي محورية التوحيد التي تشيع الأمن والسلام على بقعة هي الحرم المكي، وزمان هو الأشهر الحرم الأربعة التي يحرم القتال فيها، وبالتالي فهي محورية القيم الروحية والأخلاقية التي جعلها المسلم قبلته في الصلاة وآمن بها كأقدس بقعة بما يصادر لديه