ـ(133)ـ الأمة فقد تكون من اصل واحد أو من أصول متفرقة إلا انها ربطتها عقيدة واحدة لها لغة واحدة، ولها نظام تشريعي وأخلاقي ينبثق عن عقيدتها. وقد اشترط القانونيون في الشعب ان يتعارف أفراده ويتفاهموا على الخضوع للنظام المشترك، وقد قالوا «إذا كانت مجموعة قد وجدت معا لمصادفة والتفت دون سابقة تعارف فإن الدولة لا تقوم بهم». ومن هنا نجد اتفاق الشريعة الإسلامية والقانون على ان الأمة ضرورية لقيام الدولة وان القانونيين يرون التعارف على نظام مشترك واحد، غير ان نظرة الشريعة كانت أعمق حين اعتبرت تكوين الأمة بعقيدتها ونظامها المنبثق عنها، وهذا معنى تعارف الشعب على نظام واحد، والاتجاه الحديث عند القانونيين عدم اعتبار الجنس وإنّما اعتبار الرابطة الاجتماعية كما في أميركا، وليس أسمى من الإسلام رابطة تربط المجموعة من الناس وتكون الأمة الواحدة. وقد حرص الإسلام على ان تكوّن الأمة قوية البنيان موحدة الكلمة، منفية الخبث بين أفرادها ومجموعها، واعية حكامها وسياسة دولتها، ولذلك قرر الإسلام نقاء خلقها ومنع المفاسد فيها، وضرورة خلوها من المنكرات والموبقات ومحاربة المجرمين والعابثين فيها ومقاومة الانحراف العقائدي والفكري والسلوكي، وان تكون مناهج تعليمها ونظم حكمها وقوانين دولتها منبثقة عن دستور إسلامي، تؤخذ مواده من كتاب الله الذي لا يضل وسنة نبيه الصحيحة، قال تعالى ?وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا?(1). _____________________________________ 1 ـ سورة البقرة: 143.