ـ(53)ـ مع ذلك فإن كثيرا من كتب الفقه القديمة والحديثة تصر على إعطاء أهل الكتاب وحدهم الحق في ان يكونوا أهل الذمة أو المستأمنين بحجة انهم أصحاب أديان سماوية ويهملون غيرهم، ممن يصرون على وصفهم وحدهم بأنها مشركين أو كفار مع انهم يعرفون ان أديان اليهود والنصارى قد بدلت وحرفت وان هذا الموقف العادي لغيرهم أعطى للمسيحيين وهيئاتهم التبشيرية والصهيونيين الفرصة لكي يستقطبوا بعض الدول الآسيوية وإدخالهم ضمن التحالف المضاد للإسلام لاستكمال محاصرة العالم الإسلامي من الشرق والجنوب بعد ان حاصرته أوروبا وأميركا من الشمال والغرب... وقد لاحظنا ان القاضي (عوده) في البند (25) بعنوان «حرية الاعتقاد» أشار إلى المبدأ الأساسي بقوله «في أي بلد إسلامي يستطيع غير المسلم ان يعلن عن دينه ومذهبه وعقيدته، وان يباشر طقوسه الدينية، وان يقيم المعابد والمدارس لإقامة دينه ودراسته دون حرج عليه»... وكمثال لتأكيد هذا المبدأ قال: «فلليهود في البلاد الإسلامية عقائدهم ومعابدهم، وهم يتعبدون علنا وبطريقة رسمية، ولهم مدارسهم التي يعلمون فيها الدين الموسوي، ولهم ان يكتبوا ما يشاءون عن عقيدتهم، وان يقارنوا بينها وبين غيرها من العقائد ويفضلونها عليها في حدود النظام العام والآداب والأخلاق الفاضلة»... «وكذلك حال المسيحيين مع اختلاف مذاهبهم وتعددها، فلكل أصحاب مذهب كنائسهم ومدارسهم ويباشرون عباداتهم علنا، ويعلمون عقائدهم في مدارسهم ويكتبون عما يعتقدون وينشرون ما ينشرون في البلاد الإسلامية».. وقد فهمنا من هذا النص ان الإشارة إلى اليهود والنصارى هي مجرد ذكر