ـ(14)ـ العالمية والخاتمية والخلود، صفات ثلاث تعتبر من أبرز خصائص ومواصفات الرسالة الإسلامية التي تتميز بها على سائر الرسالات الإلهية، وهي صفات وإن كانت مترابطة ومتداخلة في مضمونها ومحتواها، ولكنها في الوقت نفسه متمايزة فيما بينها، وتستحق الوقوف عندها، ولاسيما في عصرنا الحاضر. وسوف أحاول في هذا الوقت القصير، أن اتناول هذه الصفات، لا في جانب إثبات هذه الميزات للرسالة الإسلامية، فإن ذلك يكاد ان يكون من بديهيات العقيدة الإسلامية، ويكفينا في الدلالة عليها الآيات الكريمة التي تلوتها عليكم. بل أحاول ان اتناول ـ بصورة مختصرة ـ مضمون ومحتوى هذه الميزات من ناحية، وبعض المشكلات الحقيقية التي واجهتها ومعالجة الإسلام لها من ناحية أخرى، لنستفيد من ذلك، الدروس والعبر في النهضة الإسلامية المعاصرة، ونفي بالحاجات التي يفرضها تطلع البشرية إلى الإسلام كمنقذ لها من محنتها وآلامها. العـالمـيـة يبدو ولأول وهلة ان العالمية الإسلامية، تعني من الناحية الواقعية: ان تكون الرسالة في مضمونها العقائدي والاجتماعي والسياسي، مضموناً لا يخص جماعة من الناس دون أخرى، ولا منطقة من الأرض دون غيرها، وهذا ما تكفلت به العقيدة الإلهية والشريعة الإسلامية، التي جاء بها القرآن الكريم، والنبي العظيم صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن هل يختص ذلك بالرسالة الإسلامية، وهل يمكن ان نقول بأن ما جاء به نوح وإبراهيم وموسى وعيسى