ـ(57)ـ وفي بحثنا هذا سنتناول أصول هذه الشريعة بالبحث والتجلية لنبين الأسس التي قامت عليها حضارة تشريعية ازدهرت فيها الصناعات والرياضيات والعلوم التجريبية، كما ترسخ فيها الالتزام الأخلاقي الذي يعتبر الأساس المتين للحفاظ على سلامة تطبيق الشرائع. مصادر الشريعة الإسلامية لابد لكل قانون من القوانين سواء أكان سماويا أم وضعيا من مصادر يستقي منها احكامه، وتستند إليه قواعده، والشريعة الإسلامية قد اعتمدت على مصدر يفوق جميع المصادر الأخرى، وهو الوحي السماوي. والأصل لهذا الوحي هو الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة، فهذان هما المصدران الأصليان للشريعة الإسلامية ويجانبهما مصادر فرعية ترجع إليهما. ويذكر الأصوليون أن مصادر الشريعة الأصلية والفرعية أو المصادر التبعية هي: كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، والسنة المطهرة، والإجماع والقياس والاستحسان، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع، والعرف، وشرع من قبلنا، وقول الصحابي، والاستصحاب، والإباحة الأصلية. وللعلماء طرائق مختلفة في تقسيمها؛ ففريق يقسمها إلى مصادر أصلية وهي الكتاب والسنة، ومصادر فرعية وهي الباقي، وبعضهم يقسمها إلى مصادر متفق عليها، وهي: الكتاب والسنة والإجماع، ومصادر مختلف فيها وهي الباقي، وبعضهم يقسمها إلى مصادر مستقلة بنفسها في التشريع وهي الكتاب والسنة والإجماع وما يرجع إليها من الأدلة الأخرى كالاستحسان، والى مصادر لا تستقل