ـ(56)ـ علاقاته العامة. وهذا مرجعه إلى انها شريعة جاءت من عند الله الذي يعلم من خلق، وما يصلح لما خلق، كما سيتضح ذلك من بحثنا في مصادر الشريعة الإسلامية، تلك المصادر التي اعترف جهابذة الفكر التشريعي الغربي بأنها غنية المادة واسعة الآفاق، قادرة على استيعاب حاجات المجتمع الإنساني في أعلى درجات حضارته الإنسانية. ومما لا ريب فيه ان الآثار المباركة المترتبة على الصحوة الإسلامية التي تشهدها أمة الإسلام في وقتنا الحاضر ان فاءت كثير من الدول الإسلامية التي تأثرت في تشريعاتها وأنظمتها بالقوانين الأوروبية إلى البحث من جديد عن أسس التشريع الإسلامي التي شكلت المجتمعات الإسلامية على مدى ما يزيد على الآلف عام. وقد حفظ المولى جلت حكمته المصدرين الأساسيين لهذه الشريعة الخالدة الباقية ما بقيت السماوات والأرض من التحريف والتبديل، حتى يرجع المسلمون إليها لتصحيح مسارهم إذا انحرفت بهم السبل. وقد أسهم رجال العلم في إثراء الشريعة الإسلامية بناء على الأصول العامة التي جاءت في الاصلين الأساسيين فبنوا للأجيال من بعدهم صرحا عاليا من التفكير التشريعي المستقبلي، مضبوطا بالقواعد والأصول التي تحفظ للشريعة الإسلامية حدودها ومعالمها الواضحة، حتى لا تضل بهم السبل، كما تعمل على تشجيع روح الاجتهاد والاستنباط حتى تستجيب هذه الأصول للمستجدات في حياة الأمة الإسلامية، بما يحقق صالح الجماعة ويدفعها إلى الرقي والازدهار في غير خروج عن المعنى العام والروح الحقة في شريعة الإسلام.