ـ(521)ـ والقرآن الكريم زاخر بالآيات الشريفة والتي تدل على حرية المعتقد والمذهب في الشريعة الاسلامية، فالدين يدخل القلب عن طريق الاقتناع النفسي وعن طريق الموعظة، ولا يمكن لـه أن يعمر القلوب عن طريق السيف والإرهاب، يقول تعالى: ?ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ?(1). وهذا دليل واضح على نبذ الإسلام لأسلوب الدعوة عن طريق القوة والبطش، قيل انه عندما كان أمير المؤمنين علي أبي طالب عليه الصلاة والسلام خليفة رأى شيخاً يسأل الناس فقال عليه السلام: ما هذا ؟ فقيل لـه هذا نصراني عاجز عن العمل ويسأل الناس. فقال عليه السلام: لقد استفدتم منه حينما كان شاباً وقادراً على العمل وتركتموه حينما عجز، أجروا لـه رزقاً من بيت المال، هذه هي عظمة وسماحة الإسلام تجاه أهل الذمة، وهذا التصرّف يُجسّد الخلق الإسلامي الرفيع والعطف والرحمة اللذان يتسم بهما أمير المؤمنين عليه السلام. ويعترف سبحانه وتعالى بحقوق الأديان الأخرى يقول عز وجلّ: ?وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ?(2). ويأمرنا سبحانه وتعالى أن نتعامل مع أهل الكتاب بالعدل والقسط والإنصاف كل هذا ليروا بأم أعينهم طريقة تصرّف الإسلام معهم وبالتالي قد تميل قلوبهم وتنعطف نحو الإيمان وهو ما يريده سبحانه منهم، يقول سبحانه وتعالى: _________________ 1 ـ سورة النحل: 125. 2 ـ سورة العنكبوت: 46.