ـ(519)ـ معها، وقد برزن من جوانبها عدة سكاكين حادّة وكانوا يطرحون الشاب المعذّب فوق هذه الصورة ثم يطبقون عليها باب التابوت بسكاكينه وخناجره فإذا أغلق تمزّق جسم الشاب وتقطع أرباً، كما عثرنا على جملة آلات لسلِّ اللسان ولتمزيق أثداء النساء وسحبها من الصدور بواسطة كلاليب فظيعة ومجالد من الحديد الشائك لضرب المعذّبين وهم عُراة حتى يتناثر اللحم عن العظام)(1). يقول الدكتور أسعد حومه: هذه قصة ديوان التفتيش رواها شاهد عيان وهي لا تحتاج إلى أي تعليق عليها والذي يمكن أن نضيفه إلى رواية الكولونيل الفرنسي، هو انّ مشاهداته كانت عام 1809 وان المعاملة واقعة على كاثوليك مسيحيين فكيف بمعاملة الديوان للمسلمين قبل ثلاثة قرون قبل أن تنصقل العواطف وتتهذّب النفوس بعض الشيء وتنتشر فكرة الحرية في العالم ؟ أنها بلا شك تتجاوز أضعاف ما ورد في هذه الرواية(2). يا لها من وحشية ونذالة وخباثة، بعد كل الذي ذاقوه من سماحة وعدالة المسلمين الفاتحين ونزاهتهم ورحمتهم، (ومنذ أن حقّق المسلمون أول نصر لهم في أسبانيا بدأوا بتطبيق قواعدهم العامة دون تخبّط أو اضطراب، فوجد الأسبان من المسلمين عدلاً ووفاءاً بالعهد وحرية تامة للمجتمع القائم وأعرافه، وعدم تدخل في شؤونه الدينية فدخلت أفواج من الأسبان في الدين وخصوصاً الطبقات الفقيرة والفلاحين الذين حرّرهم الإسلام من ربقة العبودية، ورفع شأنهم وساواهم بمن كانوا في جيش الفتح من المسلمين السابقين وهي أمور لم يكونوا يطمعون فيها أو يحلمون بمثلها إذ كانت غريبة عن روح العصر وعن تقاليد المجتمع الغربي في ذلك الحين. أما الذين __________________________ 1 ـ محنة العرب في الأندلس، د. أسد حومه ص 348 - 349. 2 ـ محنة العرب في الأندلس، د. أسعد حومه ص 350.