ـ(503)ـ فهذا وعد منه سبحانه بغفرانه لذنوبنا في حالة العفو، وكل هذا يمثل تشجيعاً للصفح وكظم الغيظ في سبيل شيوع حالة الرحمة بين الناس، ولكن يجب أن يكون هذا الأمر في محلّه المناسب، وإلاّ فإنّ العفو والصفح سوف لا يؤدي إلى النتيجة المطلوبة وسوف يزداد الظلم ظُلماً، وينتظر منّا العفو والصفح كما علمناه سابقاً، وفي هذه الحالة سنكون مشاركين في الإثم والعدوان معه، إذ إن هكذا طغاة يجب الوقوف بقوة بوجههم، فلن يرد الحجر إلاّ الحجر. جاء في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لمالك الأشتر رحمه الله حينما ولاّه على مصر: «انصف الله وانصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوىً من رعيتك فانك إلاّ تفعل تظلم ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده ومن خاصمه الله أدحض حجّته وكان لله قرباً حتى ينزع أو يتوب، وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم فان الله سميع دعوة المضطهدين وهو للظالمين بالمرصاد»(1). وهذا بيان جلي من أمير المؤمنين عليه السلام يؤكد ويثبت أن الدين الإسلامي قد حارب الظلم منذ بزوغه ووقف بوجهه دون هوادة. 4 - إصلاح المجتمع الإنساني ومكافحة الفساد: قال الله سبحانه تعالى: ?تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ?(2). ______________________ 1 ـ نهج البلاغة - صبحي الصالح ص 428 - 429. 2 ـ سورة القصص 83.