ـ(500)ـ الآخرة رضوان الله تعالى وجنّاته. وكم شهدنا أناس كانوا مجاهدين مؤمنين فانحرفوا جزاء ترغيب أو ترهيب السلطة فصاروا أبواقاً لها وخدماً يأتمرون بأوامرها وهذا هو سبيل كل من يعبد الله تعالى على حرف، وهؤلاء هم المعارون في أيمانهم لم يثبت ويستقر في قلوبهم إلاّ فترة قليلة، فانقلبوا على أعقابهم ومُسِخت نفوسهم - ولربما كان البعض منهم، من تجشّم مرارة الجهاد والتضحية فأصابه الملل واليأس خصوصاً وأنه لم يحقّق شيئاً يذكر، فنبذ سلاحه وإيمانه ومدّ يده للسلطات التي اجتذبته بعد عمل جهيد وقائمة طويلة من تحقيق المطالب وإيجاد الديمقراطية والحرية والإفراج عن السجناء ناهيك عن الأمور المادية التي تضعها تحت تصرفه، فسال لعابه لكل هذا ومادرى انه باع دينه ودنياه وشرفه وكرامته بدنيا غيره، فأسرته المادة واستضعفته الدنيا، وكأن هذا المسكين لم يقرأ قوله تعالى: ?أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ?(1). فلقد غُربل المؤمنون حتى أذن الله سبحانه لهم بالنصر وهذه هي سنّة الله تعالى ولن تجد لسّنة الله تبديلاً. وشاهدنا على ما نقول ما رأيناه من بعض الفلسطينيين الذين مدّوا أيديهم للعدو الصهيوني الغاصب بعد طول جهاد ومعاناة، فأصبحوا شرطة لهم ينفّذون أوامرهم ويعتقلون إخوانهم الفلسطينيين يعذبونهم ويقتلونهم فعجباً لهم كيف قلبوا لهم ظهر المجنّ فحازت الكلاب وفاءاً دونهم فتعساً لهم. ___________________________ 1 ـ سورة البقرة: 214.