ـ(399)ـ وبهذا فقد رسم الإسلام للناس منهجا يقوم عليه الدعاة والعلماء، لإرساء الفضائل في المجتمع، ومحاربة الرذائل التي تستهدف وجوده وصلاحه وأمنه واستقراره، وذلك بعد ان ختم الرسل عليهم السلام بالنبي العظيم، وختمت الكتب السماوية بالقرآن الكريم. ومن هذا المنهج التوجيه الرباني الصريح: ?لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا?(النساء 114). وفي ذلك ايحاء واضح للعلماء بواجبهم في الإصلاح وإرساء الفضائل، ليسعد مجتمعهم في الدنيا، وينالوا الأجر العظيم على ذلك في الآخرة. أما تربية الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ للأجيال على حب الفضائل والترفع عن الرذائل، فقد شهدت بها الأحاديث الكثيرة التي علم بها أصحابه العظام، وآل بيته الكرام. ولما كان الصدق من أرفع الفضائل، وكان الكذب من أسفل الرذائل، فقد قال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «ان الصدق يهدي إلى البر، وان البر يهدي إلى الجنة، وان الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. وان الكذب يهدي إلى الفجور، وان الفجور يهدي إلى النار، وان الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً» (متفق عليه). وللكذب قرينات متعددات من الرذائل، كالغدر والخيانة وما إليهما. قال ـ صلى الله عليه وآله ـ فيما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ـ «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» (أخرجه الترمذي وأبو داود). وفي ذلك ما فيه من توصية برفيع الأخلاق كالصدق والوفاء والأمانة، وتحذير شديد من وضيع الأخلاق كالكذب والغدر والخيانة. اما الفحش والبذاءة وإساءة الأدب؛ فهي من الرذائل الممقوتة كذلك.