ـ(39)ـ سارقا اقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد احضر محمد بن علي ـ عليه السلام ـ فسألنا عن القطع في أي موضع يجب ان يقطع، فقال الفقهاء: من الكرسوع، لقول الله في التيمم: ?فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ?(1). فالتفت الخليفة إلى محمد بن علي فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ فأجاب: «انهم اخطأوا فيه السنة، فإن القطع يجب ان يكون من مفصل أصول الأصابع، ويترك الكف» قال: لم؟ قال: لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ السجود على سبعة أعضاء: الوجه، واليدين، والركبتين، والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع لم يبق لـه يد يسجد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: ?وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ? يعني به الأعضاء السبعة التي يسجد عليها ?فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا? وما كان لله لم يقطع. فأعجب المعتصم ذلك، فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف(2). وروي عن الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ أنه كان إذا قطع السارق ترك الإبهام والراحة، فقيل لـه: يا أمير المؤمنين تركت عليه يده؟ قال: فقال لهم: «فإن تاب فبأي شيء يتوضأ؟ لأن الله يقول: ?والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما? ـ إلى قولـه ـ : ?فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ?(3).»(4) فهذا النمط من الاستدلال يوقف القارئ على سعة دلالة الآيات القرآنية، _________________________________________ 1 ـ سورة النساء: 43. 2 ـ الوسائل 18: الباب 4 أبواب حد السرقة، الحديث 5 و6. 3 ـ الوسائل 18: الباب 4 أبواب حد السرقة، الحديث 5 و6. 4 ـ سورة المائدة 38 ـ 39.