ـ(384)ـ يعرف القضاء أقرب للعدالة منها. وقد نبه الله ـ سبحانه وتعالى، بأن في النفوس شحا وظلما، وأن المفلحين هم الذين يتجاوزون ذلك، قال سبحانه: ?وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ?(الحشر 9). وقد جاء في الأثر قول بعض العارفين: «إنّما الشح الذي ذكر في القرآن، ان تأكل مال أخيك ظلما»(ابن كثير ـ تفسير القرآن العظيم ـ سورة الحشر». وحتى لو كان الشح هو البخل، كما هو شائع بين الناس، فهو لؤم يدفع النفس إلى حب المال وبغض الأنفاق، ومنع حقوق الناس عنهم، وهي نقائص ظالمة، يرفضها الإسلام فيما يرفض من الأخلاق الوضيعة. (انظر: إرشاد العقل السليم، إلى مزايا القرآن الكريم ـ المعروف بتفسير أبي السعود ـ سورة الحشر). ويمضي الإسلام بإنسانيته التي يؤمن بها العاقلون، ويقربها المنصفون، في تربية الناس ـ كل الناس ـ على حب العدل ورفض الظلم، حتى يسعدوا بذلك أجمعون يقول ربنا ـ جل شأنه ـ في محكم الترتيل: ?إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ? (يونس 44). فإذا كان الله ـ جل شأنه، وهو ذو القدرة المطلقة، وهو الذي ?لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ?(الأنبياء 23) ?لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا?(النساء 40) فكيف بالناس الذي سيحاسبون على كل صغيرة وكبيرة مما كانوا يجترحون ؟! وذلك يوم يضع الله الموازين بالقسط ?يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ _ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ _ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ?(الزلزلة 6 ـ 8). وهكذا يحرص الإسلام على بناء مجتمع عالمي عادل لا ظلم فيه، ?يَا دَاوُودُ