ـ(174)ـ 2 ـ والتي لا تتعارض مع المثالية بل هي مكملة لها، فالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة هي من المثل العليا لكن في المنهج الرباني يستطيع البشر ان يتخلقوا بها ويعملوا على نشرها ويغيروا الواقع على مقتضاها يقول الحق جل وعلا: ?...إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ...?(1) ولأجل ذلك نادى مفكرونا بالواقعية المثالية(2). 3 ـ والتي تعني ان المثل والمثالية ليست شيئاً خياليا بل هي قائمة وموجودة، أو يمكن تحققها ولكن يتفاوت الناس في تحقيقها في أنفسهم، ومن الواقعية ان نطلب من كل إنسان حسب قدرته وطاقته: ?لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا?(3) ويقول سبحانه أيضاً: ?لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا?(4). 4 ـ والتي تراعي الإنسان بما هو عليه من قوة وضعف ومنشط ومكره، واتفاق بين أفراده واختلاف، وأشواق ونوازع، وصحة ومرض، وروح وجسد، وأيضاً تراعي الكون بمفرداته، فلا تعارض ولا تضارب، ولا قهر للطبيعة ولا غزو ولا تدمير، بل الإنسان مسخر في هذا الكون يعمل فيه وفق مطلب مسخره، أي الاحتكام إلى منهج الله تعالى في تسيير هذا الكون والإقرار بالحاكمية لـه سبحانه، يقول الحق جل وعلا: ?وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ?(5) ويقول سبحانه وتعالى: ?أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ?(6) ويقول أيضاً ?آمِنُوا ___________________________ 1 ـ سورة الرعد: 11. 2 ـ خصائص التصور الإسلامي، ص 163، والخصائص العامة للإسلام، ص 158. 3 ـ سورة البقرة: 233. 4 ـ سورة البقرة: 286. 5 ـ سورة البقرة: 30. 6 ـ سورة النمل: 62.