ـ(170)ـ (انه ـ أي التصور الإسلامي ـ يتعامل مع الحقائق الموضوعية ذات الوجود الحقيقي المتيقن، والأثر الواقعي الإيجابي. يتعامل مع الحقيقة الإلهية، متمثلة في آثارها الإيجابية وفاعليتها الواقعية. ويتعامل مع الحقيقة الكونية، متمثلة في مشاهدها المحسوسة، المؤثرة أو المتأثرة. ويتعالم مع الحقيقة الإنسانية، متمثلة في الأناسي كما هم في الواقع(1). وأما المدلول الثاني للواقعية في التصور الإسلامي، فيتعلق بطبيعة المنهج الذي يقدمه للحياة البشرية، وواقعية هذا الكون مع طبيعة الإنسان، وطبيعة الظروف التي تحيط بحياته في الكون، ومدى طاقاته الواقعية الحقيقية)(2). نلاحظ ان سيد قطب لم يعط تعريفا محددا لنفس الواقعية، وإنّما تكلم عن مدلولاتها في التصور الإسلامي، ولعله بهذا يريد ان يفلت من مضيق التعريفات، حيث ان التعريفات المحددة هي التي تجعل الفكر يجمد عند المصطلحات فلا يستطيع ان يخرج عنها، فهو يريد مفهوما أوسع ومقاصد أرحب ومعاني اشمل، وهذا ما جعله يعلق على ذلك بقوله: «نحن نستخدم هذا بمعناه الذي يعطيه لفظه العربي، مجردا من كل ما علق به من معنى اصطلاحي تاريخي في البيئات الأخرى»(3). فسيد قطب ينطلق من اللفظة اللغوية ولكنه يعطيها مدلولات رحبة، وقابلة لاحتضان عدة معاني ما دامت تلتقي في نفس الهدف، وهذا ما جعل من أتى بعده ________________________________ 1 ـ خصائص التصور الإسلامي: ص 163 ـ 164. 2 ـ خصائص التصور الإسلامي: ص 176. 3 ـ خصائص التصور الإسلامي: ص 163.