ـ(167)ـ ومقابل ذلك نجد الواقعية ـ كما قلت ـ تضاد المثالية؛ أي هي: الموجد والقائم المدرك بالحواس وهذا الموجود بطبعه ناقص يعتريه الضعف والفساد(1). ويوصف الشخص بأنه «مثالي»: إذا كان لا يراعي الأحوال الواقعية ويطلب أحوالاً سامية لا يمكن أو يعسر أو يستحيل تحقيقها في الواقع، وإذا كان لا يستند في تصوراته وأحكامه إلى سند من الواقع الفعلي، وفي هذه الحالة يتصور «المثالي» ان الواقع ناقص، إذ يقيسه بالمثل الأعلى الذي يتخيله(2). وبالعكس يوصف الشخص بأنه «واقعي» إذا تقبل الواقع على علاته ولم يطمح في الوصول إلى المثالي. وخطورة هذا الفهم الفلسفي من جهتين: الأولى: أنه يقسم الأمور إلى شيئين منفصلين: مثالي وواقعي، وما دام المثالي غير موجود أو غير قابل للوجود في الواقع ـ حسب هذه النظرة ـ سيصطدم المرء مع هذا المثال، وبالتالي سيجنح إلى الركون إلى الواقع، فالله والآخرة والأخلاق الفاضلة والقيم العظيمة لا وجود لها في الواقع، وبالتالي لا يصح الركون إلى الخيال، وهذه فكرة مرفوضة إسلامياً. الثانية: نجد ان فلسفة الواقعية بهذا المعنى دخلت جوانب الحياة المختلفة، كالفن والأدب والسينما ونحوها. ولنضرب على ذلك مثالا من السينما؛ فالأفلام الواقعية: هي الأفلام التي تبرر أخطاء الواقع وحماقاته وتعذر الفرد الذي يرتكب الجرائم لأن واقعه اجبره على ذلك. _____________________________ 1 ـ موسوعة الفلسفة، مادة «مثالي». 2 ـ موسوعة الفلسفة، مادة «مثالي».