ـ(165)ـ الإنسانية: خاطب الإسلام الإنسان باعتباره انساناً، فلم يعتبره ملكا ولم يعتبره شيطانا رجيما، والإنسان مركب من عنصر سماوي وهو الروح وعنصر ارضي وهو الجسد، وبين الروح والجسد تتوزع النوازع الخيرة والشريرة، وجاء الإسلام ليربي الفطرة الخيرة في هذا الكائن «كل مولود يولد على الفطرة»(1)، كما انه جاء ليستل ضغينة الشر بملقاط الإيمان بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ?وَالْعَصْرِ _ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ _ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ?(2). وهذه السورة الكريمة تقرر صراحة ان الخسران الإنساني يجب ان يواجه بمعول الجماعة المؤمنة المتواصية بالحق والصبر حتى يتحطم. والشريعة الإسلامية أعطت الإنسان مجالا ممتدا في فعل الخير بحسب قدرته وهمته، فهناك الفرائض والنوافل والطاعات، وكذلك من خصائص بشرية الإنسان الاختلاف النوعي والنسبي يقول الله تبارك وتعالى: ?وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ _ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ?(3) يكاد هذا الاختلاف يسري إلى كل شيء من نواحي الإنسان، وخاصة عقله وفكره، لك ذلك حتى ينمو الكون ويعمر وفق سنن الله تعالى الكونية والنصية، وهنا يجب ان تسقط الاختلافات المذهبية، أو بالأحرى تسقط آثارها السيئة لأننا لو أردنا أمة في قالب واحد فينبغي لنا ان نلغي خاصية الإنسان منه؛ وهذا لا يمكن قطعاً. وهكذا لو تتبعنا بقية الخصائص الإسلامية سنجدها كلها تصب فيما يقرب المسلمين من بعضهم البعض، كالشمول والتوازن والوسطية والوضوح ____________________________ 1 ـ رواه أبو يعلى والطبراني والبيهقي، جامع الشمل، ص 12. 2 ـ سورة العصر. 3 ـ سورة هود 118 ـ 199.