ـ(621)ـ 8 ـ قول: «يدرو» بعدم جدوى المذاهب الدينية والميتافيزيقية ولهذا فقد وجب عنده تنحية الإله من ميدان البحث العلمي(1). اذن التأمل في تاريخ الغرب الفكري والتعمق فيه يكشفان لنا ان هذه النظرة العلمانية التي ظهرت بوضوح وجلاء في القرن السابع عشر الميلادي ما هي إلا مرحلة عالية من نظرة عامة للحياة متأصلة وعميقة الجذور في نفس الإنسان الغربي منذ بدايات وعيه بذاته أي منذ بداية الحضارة اليونانية كما هو واضح لمن تتبع الفن اليوناني المختلط بالأساطير والعقائد اليونانية، واستمرت نظرة الصراع هذه في العصور الحديثة حيث نجد «البيركامى» في أسطورته «سيزيف» يبين عبث الإله بالإنسان وتعذيبه وتمرد هذا الإنسان وسخطه على كل قوى فوقانية واستسلامه أخيراً لقدر الإله(2). القرن التاسع عشر: ويعتبر هذا القرن أهم القرون سواء السابقة أو اللاحقة التي سوف تأتي فان أهم الأوضاع السياسية والاقتصادية كانت فيه. وأهمية هذا القرن جاءت نتيجة العلمانية المتطرفة فيه وتوضيح ذلك ان العلمانية مرت بمرحلتين في مراحل سيرها: المرحلة الأولى: مرحلة العلمانية المعتدلة وهي مرحلة القرنين السابع عشر والثامن عشر فقد نشأ المذهب المعروف باسم (Deism) وهو يعترف بوجود الله كأصل للعالم ولكنه ينكر: الاعجاز، الوحي، وتدخل الله في العالم ومن اتباع ________________________________ 1 ـ الله في الفلسفة الحديثة: 213. 2 ـ العلمانية النشأة والأثر: 69 ـ 70.