ـ(115)ـ وكذلك أعطته قواعد محددة يتم على ضوئها استنباط حكم الظرف المتجدد، وإرجاعه إلى أصوله الأولى، وتطبيقها مع تصورات الإسلام عن العدالة الاجتماعية ـ طبعاً مع التشاور في مختلف الأمور. هذا بالإضافة إلى دور فتح أبواب الاجتهاد في مجال معرفة نظريات الإسلام في الجانب الثابت من حياة الإنسان أيضاً. وإذا وصلنا إلى الحديث عن الاجتهاد، ينفتح باب واسع لعوامل المرونة في الإسلام، يشمل كون العقل مدركاً للملازمة بين أحكامه وأحكام الشرع، مما يفتح للعقل مجالاً لـه حدوده في أدراك المصالح العامة، كما يشمل تلك القواعد العامة الكثيرة التي تهدي المجتهد في سبيل التعرف على الرأي الإسلامي في البين. ويستوعب أيضاً قبول مرحلة الحكم الظاهري والحكم الاضطراري ومما يجب ان نؤكد عليه ونكرره، ان كل ذلك يتم وفق قواعد قطعية، اما القواعد الظنية التي لم يقم على اعتبارها دليل قطعي، فهي أمر من الطبيعي ان يرفضه الإسلام، لأنه لا يسمح للفكر البشري القاصر ان يضيف من ذاتياته للإسلام، وهذا أمر خطر جدا لا يمكن ان يقبله المبدأ الواقعي. ومن هنا رفض القياس والاستحسان والمصالح المرسلة وغير ذلك في مذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وهذا المعنى يثبت لنا ان المرونة الحقة في مجال التشريع العام لها أجلى الصور في مذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ حيث: وفّر الأئمة ـ عليهم السلام ـ برواياتهم وسلوكهم رصيدا ضخما لـه أثره الكبير في مواكبة الحوادث المتجددة واكتشاف الرأي الإسلامي فيها، وله أثره الكبير في علاج الحالات الاستثنائية، وتعيين الوظائف العملية، كل ذلك ضمن قواعد وضوابط دقيقة.