ـ(113)ـ ...ولكن هذا لا يعني جواز إهمال الجانب المتطور، وهو علاقات الإنسان بالطبيعة، وإخراج تأثير هذا الجانب من الحساب، فإن تطور قدرة الإنسان على الطبيعة ونمو سيطرته على ثرواتها يطور وينمي باستمرار خطر الإنسان على الجماعة ويضع في خدمته باستمرار إمكانات جديدة للتوسع ولتهديد الصورة المتبناة للعدالة الاجتماعية) (23). اما الأخلاق فهي أيضاً تمثل جانبا ثابتا لا معنى لتغيره بعنوانه ـ وان اختلفت المصاديق التي تتبع العرف أحيانا ـ وعليه فقد جاءت النصوص الأخلاقية الثابتة، ووصف المؤمنون بأوصاف لا يمكننا ان ندعي انها يمكن ان تتغير. فالمسلمون هم الأمة الخيرة وهم المتعاونون في الخير، الشديدون على الكفار، الرحماء بينهم، الكرام غير المهانين، المنفقون، المتقون، الصابرون، المرابطون، القائمون بالقسط، غير الخائنين، والساخرين، والظانين سوءاً، واللاهين.. وغير ذلك. كما انه يمكننا ان نمثل للجانب الثابت بحق الإنسان في الطعام والمسكن والملبس والملك والجنس. اما الحكومة ففيها جوانب: منها جانب التنظيم الإداري ـ ومنها جانب تعيين الرأس الأعلى للحكومة، ومنها جانب تعيين الصلاحيات التي تملكها، والواجبات التي يجب ان تؤديها. فالجانب الثاني والثالث أمر قد فرغ الإسلام من تعيينه بحدوده الخاصة، ولا معنى للقول بتغيير ذلك بعد ان كان النظام نظاماً يخطط للحياة كلها ويستوعب كل التطورات المختلفة، وكان الحاكم المفترض إنساناً منزها يمثل أعلى درجات التسليم لله في تطبيق النظام وفق المصالح الواقعية.