ـ(472)ـ عقول البشرية ومخيلتهم الأرضية. وهذا الخلاف والاختلاف يرجع ـ بالتحليل ـ إلى ما يسمى بجدلية النص الثابت والواقع المتغير المتطور. فكيف يتسنى للنص الثابت والذي نزل قبل 1400 عام في دائرة ظروف وشروط خاصة ان يتسوعب الواقع المتغير الذي لايكاد يستقر على صورة وهيئة واحدة. في سبيل تقديم تفسير لهذه الظاهرة، ذهب «الدكتور عبد الرحمن بدوي» (1) إلى ان السر في تلك الحيوية المستوعبة للتغيرات والتطورات الزمانية والحضارية، يكمن في تعدد وتنوع أبعاد الدين أو الشريعة التي يصلح كل بعد من ابعاده وكل زاوية من زواياه لجيل ولزمان معين حيث يفهم كل جماعة وبمستوى الثقافة والبيئة الاجتماعية والعالم من حولهم، جانباً من جوانبها المتعددة والمتنوعة وقد تفاعل مع هذا القول بمستوى التاييد ـ الدكتور علي شريعتي في المحاضرة التي ألقاها في كلية النفط بعبادان. وثمة نظرية أخرى ترى ان اللغز يكمن في إطار مقولة ان روح الشريعة الإسلامية بسبب النمو والتطور تبقى حية وخالدة ومستوعبة لآفاق الحياة (2). وبعد التتبع نلاحظ ان ثمة اتفاق نسبي ينصب في القول ان تفسير الظاهرة يعود إلى ان الشريعة الإسلامية تتوفر على أحكام متغيرة ومتطورة لمواكبة المسيرة البشرية تستمد وجودها من أحكام أخرى إلى جنبها تسعى أحكام ثابتة لا تتغير ولا تتبدل (3). وهذا الاتفاق بطيعة الحال لم يسلم عن خلاف واختلاف يسير في تفسير كل من الثابت والمتغير وخلاف عن علاقة منطقة الفراغ بالأحكام الولائية التي