ـ(104)ـ وتنتهي إلى حب الله تعالى والذوبان فيه، وإذا كانت هذه العقيدة والعاطفة روحا لكل التزام يقوم به بأحكام الشريعة فلا يبصر إلا من خلال القرآن، ولا يسمع إلا من خلال القرآن، ولا يستهدف إلا أهداف القرآن، ولا يستهدي إلا هدى القرآن والرسول العظيم ـ صلى الله عليه وآله ـ، ولا يتخلق إلا بأخلاقهما فذلك هو الفرد الوسط الشاهد. وإذا سرت روح الإيمان في المجتمع، واتجهت العواطف وجهة منسجمة فيه مع الإيمان، وشكلا معا أرضية مناسبة لتطبيق الطروحات الإسلامية في كل مجالات الحياة: الحقوقية، والاجتماعية، والعبادية والسياسية، والاقتصادية، والأخلاقية، والتربوية والجزائية، والإدارية، وغيرها. وكل معيار السير الحياتي هو رضا الله تعالى لا غير، وهو الكفاح المرير ضد الطغيان ومظاهر الطاغوت، سواء على الصعيد الداخلي في قلب الأمة، أو على الصعيد الخارجي في مجالات العلاقات الدولية، وانتفت كل المعايير اللاإسلامية من حياة المجمع من قبيل الامتيازات المادية، والعنصرية، والجغرافية، والقومية، والطبقية، وأمثالها، فإن ذلك المجتمع هو المجتمع الرسالي الوسط والشاهد. وأمام هذه الصورة الوسط المتوازنة حالتان منحرفتان: الحالة الأولى: العلمنة ـ إذا صحت صياغة هذا المصدر واقل ما يقال في هذه الحالة هو ان يعود المجتمع غير مكترث بالقوانين الإسلامية، وغير آبه بتطبيقها التطبيق السليم، وان يعمل النظام الحاكم فيه على استيراد القوانين من الشرق أو الغرب، وترويج أنماط من الحرية الكاذبة التي لا يرضاها الإسلام وترتفع هذه الدرجة حتى تصل إلى مستوى الصراع ضد الإسلام ومظاهره العبادية، والسياسية، والاقتصادية، وغيرها وهنا تكمن الطامة الكبرى ويكون الكفر بعينه، على رغم بقاء المظهر الإسلامي الاسمي.