ـ(606)ـ يبقى أن نبيّن وجه البيعة فالبيعة معاهدة على الطاعة لولي الأمر والإقرار بزعامته دون أن يكون لها دخل في تصحيح انتخاب من إرادته الأُمة ولم يجمع الشرائط ولو أخذت البيعة لمتغلب وكانت الأُمة كارهة لزعامته فالبيعة لاغية لا أثر لها أصلاً. الحاكم الظالم للشيعة الإمامية الاثني عشرية موقف معروف ومتشدّد مع كل حاكم ظالم جائر سواءاً أكان ذلك الحاكم من الإمامية أم من غيرهم تبعاً للكتاب والسنّة وسيرة الأئمة الأطهار عليهم السلام من أهل بيت النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم. فهم يحرّمون تولية الظالم ويحرّمون أعانته والاستعانة بهم والعمل معهم والركون إليه ويعتبرون كل ذلك من كبائر الذنوب وعظائمها. قال المولى سبحانه: ?وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ...?(1). وورد عن الصادق عليه السلام: "لا تعنهم على بناء مسجد"(2). وعن الإمام الباقر عليه السلام: "العامل بالظلم والمعين لـه والراضي به شركاء ثلاثة". وعن الإمام الكاظم عليه السلام: "إن أهون ما يصنع الله جلّ وعز بمن تولى لهم عملاً أن يضرب عليه سُرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق". وعن سيد الشهداء عليه السلام: "فلعمري ما الإمام إلاّ الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الدائن بدين الحق الحابس نفسه على ذات الله" فحصر الإمامة به، فغيره لا يستحق مقام الإمامة ولا كرامة. وكيف يُعقل أن يأمر الله تعالى بإطاعة من ينتهك أعراض الناس ويسلب أموالهم ويخنق حرياتهم ويهمل الإسلام وقوانينه وأخلاقياته ويفسح ___________________________ 1 ـ سورة هود: 113. 2 ـ وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج 17 ص 180.