ـ(599)ـ وقد استدلّ لشرط الفقاهة بقوله سبحانه: ?... أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ?(سورة يونس: 35). ودلالتها تامة في المقام. وان ناقش فيها بعض الأعلام وهي تذكّر الناس وتستنطقهم بأمر فطري جُبلوا عليه وقامت سيرتهم عليه أيضاً من أنّ من يهدي أحق الاتباع والناس مدفوعة بفطرتها وبما قضى به عقلها أن تسير وراء المعلم الأصيل والهادي والمرشد ولا تسير وراء من لا فهم لـه ولا رشاد ولا قابلية للهداية إلاّ أن يوعز إليه من جهة إذ البشرية تلتف وتميل إلى تلك الجهة الهادية مباشرة وقد قرر النص ما فطروا عليه وما جرت سيرتهم عليه وأمعناها وحكم برشادها. وإضافة إلى ما قدمناه من الرواية عن الإمام المهدي عليه السلام، ما عن الإمام سيد الشهداء الحسين عليه السلام في خطبته بمنى(ذلك بان مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه)(1). ومن الواضح من سياق كلام الإمام ـ بعد فرض صحة صدور الرواية عنه ـ انه يخاطب الناس بهذا الكلام أي المقصود من العلماء في الرواية هم غير المعصومين عليهم السلام ومع ذلك فقد بيّن الإمام بان مجاري الأمور بأيديهم. ويظهر ان الإمام عليه السلام يتكلم عن قاعدة عامة ثم يطبق حالة من يكلمهم عليها فذكر ان الأمر بشكل عام كون مجاري الأمور على أيدي العلماء ثم خاطبهم بما مضمونه. وانتم علماء لكنكم سُلبتم تلك المنزلة أي جريان الأمر على أيديكم، لـمَ؟ لأنكم فعلتم كذا وكذا. أي ما هو مذكور تفصيله في بقية الرواية الشريفة وهي طويلة. بل قد وردت مجموعة من الأدلة تصرّح بلا بدية كون من يرأس بلاد المسلمين أعلم الناس وهذا دال بالضمن على شرطية فقاهته. ___________________________ 1 ـ تحف العقول الشيخ ابن شعبة الحرانى، ص 238.