ـ(577)ـ على جميع أرجاء المعمورة وهذا ممتنع الآن بهذه السعة وبهذا الهدف إذ لم تتوفر بعد شرائطه والى حين ظهوره لا يمتنع قيام دولة إسلامية في بقعة أو بقاع عدة من العالم تحكم بالموازين الإسلامية الصحيحة وفق العناوين الأولية والثانوية بحسب مقتضيات الحال بل لا يمتنع حتى قيام منظمة إسلامية عالمية تجمع تحت ظلّها الدولة الملتزمة بمباديء الإسلام وقوانينه وتحكم كل دولة بأحكام الإسلام وفق اجتهاداتها الخاصة بها أو المتفق عليها. إذ ظهور الإمام عليه السلام لمثل كذا دولة بما يعرّض حياته المقدسة للخطر الأكيد وهذا معناه استشهاده وانعدام الأمل وافتقاد الأسباب لتلك الغاية الربانية وقد جعل المولى سبحانه لكل شيء سبباً والسبب هنا المهدي(عج) فلابد من حفظه إلى اليوم الموعود. أو ان حياته المقدسة ستتوقف على المعاجز وهو ما لا يمكن بناء حياته عليه أو بقاء دولة الحق في خلاله وفق السنن الكونية الربانية إلاّ في حدود ضيقة جداً كما حصل لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ليلة الهجرة حينما صممت قريش على قتله فخرج مهاجراً بعد ان قام علي عليه السلام في مكانه وفدى مهجة نبيّه بمهجته ونزلت فيه:?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ?(1). ولو كان تمام الأمر بالمعاجز لنهض بهذا الأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وأحكم بنيان دولة الحق وأنهى مأساة البشرية والى الأبد. ولو ابتنت دولة الإسلام على المعاجز لكان هذا خير عذر ومبرر للحاكمين عبر التاريخ لتبرير إرهابهم لأممهم وما يتبعوه من تجبر وإذلال لإخضاع الناس وتسهيل قيادها من أنه لا يمكن السيطرة على الأمم إلا بالقبضة الحديدية وبث أجواء الرعب وفعل الأفاعيل. والواقع ان السبب الوحيد لهيجان البشرية واضطرابها ولعدم قيام دولة الحق إنّما هي طموحاتهم ومكرهم. على ان هناك من الأدلة ما يوضح بجلاء جواز إقامة الدولة الإسلامية المحققة ___________________________ 1 ـ سورة البقرة: 207.