ـ(521)ـ محدداً فمن الطبيعي أن تتجسد عملية تحقيق تلك القيم إنسانياً في حركة مستمرة نحو المطلق وسير حثيث إلى الله..."(6). يقول العلاّمة الطباطبائي في هذا الصدد: "ومن شأن الخلافة أن يحاكي الخليفة من استخلفه في صفاته وأعماله فعلى خليفة الله في الأرض أن يتخلق بأخلاق الله، ويريد ويفعل ما يرده الله ويحكم ويقضي بما يقضي به الله ـ والله يقضي بالحق ـ ويسلك سبيل الله ولا يتعداها"(7). "إذن فهي المشيئة العليا تريد أن تسلم لهذا الكائن الجديد في الوجود زمام هذه الأرض، وتطلق فيها يده، وتكل إليه إبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتكوين، والتحليل والتركيب، والتحوير والتبديل، وكشف ما في هذه الأرض من قوى وطاقات، وكنوز وخامات، وتسخير هذا كلّه ـ بإذن الله ـ في المهمة الضخمة التي وكلّها الله إليه"(8). إذن فالاتصاف بأخلاق الله تعالى من العدل، والرحمة، والعطف، والحنان والشجاعة إلى غيرها من الصفات، يُعدُّ أحد القواعد الفكرية المهمة لاختيار القيادة في الأُمة. ولما كانت الخلافة والإمامة حالة طبيعية يتم تشخيصها من قبل الأُمة في واقعنا السياسي والاجتماعي المعاصر، فيحتّم على الأُمة اختيار الإنسان الذي تتوفر فيه الشروط الموضوعية لتسلم منصب الخلافة والإمامة في المجتمع والتي أخضعها القرآن الكريم لاعتبارات منطقية، فالاختيار يحتوي على الدّقة الموضوعية، لذا فالقرآن لم يعتبر اختيار الإمامة للأُمة يتم من خلال النزعة الشخصية، أو تتم في الإطار الحزبي الفئوي الضيّق، أو أسروي عشائري عشوائي قال تعالى: ?وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ?(9). فهو جعل تشريعي يخضع لاعتبارات وأسس فكرية واجتماعية سليمة، لذا تشكل