ـ(452)ـ أحضان المعسكر الرأسمالي الغربي، وتارة أخرى لتمرير مخططاتها في احتواء الموجة الإسلامية المتنامية التي تطالب بإقامة الحكومة الإسلامية وتحكيم شرعة الله قوانينه في واقعهم السياسي والاجتماعي، وثالثة لتشويه صورة النظام الإسلامي الرائد وتجربته الفريدة في إيران الإسلام... فتتهمه أحياناً بالدكتاتورية والاستبداد، وأخرى بالقصور عن تحقيق مصالح المجتمع وسعادته، وأخيرا ـ وهو الأخطر ـ محاولتها الدس والتشويه لخلق تصورات منحرفة، خصوصا في أوساط المثقفين، مدعين ان النهج الديمقراطي هو السبيل الذي لابد من الأخذ به لتطوير النظام السياسي الإسلامي وسد ثغراته وتجيده ليتناسب وتطلعات الشعوب لتقرير مصيرها ولينسجم والنظام السياسي الدولي القائم على ساس ديمقراطيتهم الغربية. وهذا في حقيقته محاولة تمهيدية لاحتواء النظام الإسلامي وتفريغه من محتواه الإلهي الأصيل، بل وإسقاطه في حضيض أنظمتهم الوضعية ونظرياتهم المادية. وليس هذا بغريب أو جديد في أفق المواجهة مع الجاهلية الحديثة وشياطينها الإنسية. ولنتناول القضية من جذورها، ثم نجلي الحقيقة ونظهر الحق مميزا عن الباطل ليدمغه ويعلو عليه، انطلاقا من قولـه تعالى ?وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ $ لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ $ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ?(1). أساس الحكومة في النظرية الوضعية: منذ الغزو الحضاري الأوروبي لعموم الشرق وخصوص الحواضر الإسلامية، والنظريات الوضعية تتوالى في الأفق الثقافي بكل مؤسساته السياسية والإعلامية والتعليمية وغيرها من جوانب المجتمع والدولة، متخذة أشكالا متنوعة وأنماطا براقة توحي بالحداثة والجدية، وهي في الواقع لا تخرج عن براقة أصول الثقافة العلمانية