ـ(446)ـ ندخل في دائرة الوحدة دفعة واحدة، أي أما كل شيء، أو لا شيء بل نتفق فيما اتفقنا عليه بقناعة مشتركة، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه، ونحاول عدم تسليط الضوء على نقاط الخلاف بحدة، ونشيد بنقاط التوافق، ونبرزها، ويبقى الخصم واحدا، نوجه إليه الأنظار، ونجعل عواطف قواعدنا وقناعاتها تنصرف عمليا إلى هذا النوع من الأداء، عندها نكون قد خطونا خطوات فعالة باتجاه الوحدة. كما يجب التمييز في البلدان المختلطة بين الحاكم ومذهبه، إذا لا يعقل ان يكون الاعتراض على أسلوب وأداء الحاكم مواجهة المذهب، وهذا فخ يساعد في اجتماع العصبية المذهبية حول الحاكم ليستغلها في دائرة مواجهة الآخرين، دون ان تعني لـه شيئاً، لأن الأساس يرتبط بمصالحه ونفوذه ودوره. مع العلم ان ضغط الشارع قد يؤثر على المستوى العاطفي، خاصة مع توفر المناخات الإعلامية والتعبوية والتمسك بظواهر تحتمل التفسير والتأويل. ولكي نتجاوز هذه المحنة، لابد من التركيز على العلاقة بين الإسلاميين كأساس، ومناقشة هذه القضايا في لقاءات داخلية لتبيان حقيقتها، وإيجاد الخطوات الملائمة لعدم الوقوع في هذا الفخ. والخطأ الكبير الذي يقع فيه البعض هو المسارعة إلى التصريح الإعلامي أو الخطبة في المسجد... بطريقة تخرج الموضوع عن دائرة السيطرة وهذا الأمر يشكل خدمة للأعداء للتأثير في ساحتنا الداخلية. ولنتأكد ان البحث الدؤوب للمستكبرين هو تمزيق وحدة المسلمين، بل وحدتهم في مذهبهم، بل وحدتهم في جماعتهم داخل المذهب الواحد، ولن يوفر أي فرصة تفرقة للنفاذ من خلالها، والرد العملي هو قولـه تعالى ?وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ?(سورة آل عمران: 103).