ـ(425)ـ السلطة الإجرائية ونظرية الفصل: السلطة الإجرائية هي السلطة التي تتولى تنفيذ القوانين وإدارة الدولة، ولها في الحقيقة وظيفتان مختلفتان في طبيعتهما، يجريهما عضوان منفصلان في مصدر وجودهما وأساليب أعمالهما، وهما السلطة السياسية الحكومية التي تتولاها الحكومة المسؤولة. والسلطة الإدارية التي تمارسها الإدارة باستمرار ودوام، وأنه إذا كان للأولى دائرة من الإمكانية لإجراء أعمالها السياسية في الداخل والخارج، مستقلة عن قيود القانون ومعاملاته، فلم يكن على الثانية سوى التقيد في جميع أعمالها، وبدون استثناء بحدود القانون وأحكامه. ومن هذا التفريق نشأت النظرية المعروفة بالقانون الإداري، وهي من ابتكار مجلس الدولة الفرنسي(1). فأصبح اختصاص الحكومة بإجراء الأعمال السياسية كالمعاهدات والاتفاقات الدولية وإقامة العلاقات وقطعها وحل البرلمان لا يخضع لرقابة القضاء الإداري. في حين ان أعمال الإدارة تظل خاضعة بكاملها للقانون وبالتالي لرقابة القضاء الإداري. والحديث عن السلطة الإجرائية كسلطة مستقلة يعتبر من نافلة القول إذ إنها السلطة التي يخشى من خطرها على بقية السلطات وهي كانت على مر التاريخ تمارس طغيانها على السلطات الأخرى بل ان نظرية الفصل بين السلطات وإقامة التوازن قد وضعت للحد من طغيان السلطة الإجرائية. وفي الدولة الإسلامية كان أمر استقامة السلطة الإجرائية الممثلة كما قلنا بالخليفة أو الحاكم أو السلطان متعلقا بصلاح الخليفة وتقواه، فمع الحاكم الصالح يسود العدل ومع الحاكم الطاغية يسود الطغيان. ___________________________ 1 ـ الوسيط في القانون الدستوري العام ـ د. ادمون رباط، الجزء الثاني ص 547.