ـ(414)ـ لابد لها من العمل بواسطتهم في مزاولتها لهذه الوظائف فللدولة وظائف مختلفة يزداد عددها، وتتوطد قوتها بتقدم الدولة وتطورها. كما ان لها أعضاء يتولون هذه الوظائف بالإضافة إليها. وهذه الوظائف، هي النشاطات التي تتولاها في مختلف الميادين التي إليها سلطان الدولة، من سياسة، واقتصاد، واجتماع، وثقافة، إلى ما هناك من الأوجه المتعددة، العائدة للحياة العامة، التي تلتحق تباعا بالدولة المعاصرة بقدر تطورها، وازدياد مسؤولياتها، واشتداد حاجة المجتمع إليها(1). ويرى الدكتور ادمون رباط في مؤلفه الوسيط في القانون الدستوري، ان إطلاق تعبير "الفصل بين السلطات" هو تعبير خاطئ، والتعبير الصحيح كما يراه هو "الفصل بين الوظائف" أي وظائف الدولة. ولكن استعمال تعبير الفصل بين السلطات قد شاع وانتشر وثبت في جميع كتب الفقه الدستوري. لذلك وان كنا نميل إلى رأي الدكتور رباط فإن التعبير قد اصبح مصطلحاً لذلك سنستعمله على هذا الأساس. نشوء مبدأ الفصل بين السلطات: بدأ الحديث عن مبدأ الفصل بين السلطات أو وظائف الدولة منذ زمن بعيد جدا، فقد ذهب أرسطو، الفيلسوف اليوناني المعروف في كتابه "السياسات"، إلى القول بأن كل نظام دستوري يكون مشتملا على ثلاث سلطات أساسية، وأنه لابد لهذه السلطات من ان تكون منسجمة، فيما بينها، ليستقر الحكم ويأتي بثماره(2). وتطرق إلى المسألة عدد كبير من الفلاسفة المتقدمين مثل: مارسيليو دي بادونا، ___________________________ 1 ـ الوسيط في القانون الدستوري العام، د. ادمون رباط ـ الجزء الثاني ص 503 ـ 504. 2 ـ كتاب السياسات لأرسطو، ترجمة الأب برباره، بيروت، ص 223 - طبعة 1957.