ـ(404)ـ الهرج والمرج، وأن الدين والسلطان توأمان: الدين أساس، والسلطان حارس، وما لا أساس لـه فمهدوم ومالا حارس لـه فضائع(1). وينتهي الماوردي إلى أن من مقومات الدولة: دين متبع، وسلطان قاهر، وعدل شامل، وأمن عام، وخصب دائم، وأمل فسيح(2). والذي أردناه من الإسهاب في أيراد فقهاء السياسة المسلمين بيان انهم يرون فيما تقوم به الدولة من أعمال إنّما يختصر في إثبات سلطانها على الأرض والإنسان. ويأتي توضيح ذلك كتبه د. فتحي الدريني من أنه لا يمكن تحقيق وحدة الأمة في مجتمع سياسي منظم، واقعا، وبما يستلزم ذلك من وجود سلطة قائمة على القوة والمنعة، لحفظ كيان الأمة وسيادتها في الداخل، باستقامة أمرها، واستتباب إلا من فيها، وإقامة العدل الشامل فيما بينها، صونا للنفوس والأموال والأعراض، وقطع دابر الفوضى، والتظالم وتعزيز تلك السيادة في الخارج أيضا، على الصعيد الدولي بتحصين الحدود، وحماية أجوائها وسواحلها، ومياهها، وسد ثغورها بالجند المرابط؛ أقول: لا يمكن تحقيق ذلك عملا، إلا بالدولة(3). ونخلص إلى القول: أنه بدون مبدأ السيادة، لا معنى لوجود الدولة بمفهومها السياسي، أساسا. وكل السلطات التي تمارسها الدولة إنّما يعود أساسها لفكرة السيادة التي تتمتع بها. مصدر السيادة في الفقه الدستوري: عندما نستعرض آراء الفقهاء في المصدر الذي تنبثق عنه السيادة نجد اختلافا بين ___________________________ 1 ـ الاقتصاد في الاعتقاد. للإمام الغزالي ص 105 ـ 106. 2ـ راجع كتاب الدكتور فتحي الدريني المسمى خصائص التشريع الإسلامي في السياسية والحكم الصادر عن مؤسسة الرسالة ـ بيروت صفحة 336 وما بعدها. 3 ـ المرجع السابق: ص 329.