ـ(381)ـ و قد تمسك أصحاب هذا الاتجاه بالآيات الداعية إلى التزام السِّلم حتى يحصل اعتداء فتكون الحرب حينئذ شرّاً لابدَّ منه، دفاعاً عن النفس والنفيس أو تقوم الحرب الوقائية اتقاءاً لهجوم معاد وشيك الوقوع، وعندئذ تكون المبادرة الإسلامية للحرب نوعاً من أنواع الدفاع المشروع. و قد استشهد أتباع هذا الاتجاه بعدد من الآيات التي تدعو إلى السِّلم والعفو القسط مع الآخرين منها: أ ـ قولـه تعالى:?وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ?(سورة الأنفال: 61). ب ـ قولـه تعالى: ?... حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا...?(سورة محمد: 4). ج ـ قولـه تعالى: ? ِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُونَكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً?(سورة النساء: 90). د ـ وقولـه تعالى: ?لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ?(سورة الممتحنة: 8). و على ضوء هذه الآيات الكريمة، يرى هؤلاء: إنّ الأصل هو السِّلم أما الحرب فهي أمر طارئ على البشرية وعلى المسلمين لدفع الشر والعدوان، وحماية الدعوة لا للغلب أو المخالفة في الدين. والدعوة إلى الإسلام تكون أولاً بالحجة والبرّهان، لا بالسيف والسِّنان، لأن الإسلام يجنح دائماً للسِّلم لا للحرب، وهذا هو الأمر المقرر لدى فقهاء القانون الدولي، حيث يقولون: الحالة الطبيعية بين الدول هي السّلام والحرب حالة وقتية عارضة مهما كان سببها، وقد جنح إلى هذا الرأي الثوري والاوزاعي وهو المفهوم من روح التشريع العامة(1). أما الأحاديث النبوية التي تدعو إلى السِّلم فمنها قولـه صلّى الله عليه وآله وسلم: "يا أيها الناس لا تتمنوا ___________________________ 1 ـ راجع كتاب: العلاقات الدولية في الإسلام، د. وهبة الزحيلي ص 44.