ـ(379)ـ آحاد لا تفيد علماً ولا ظناً مما يجعل الإنسان يفقد الجو القرآني المتكامل في التشريع، فيما يقرأه من آيات لأنه يُضيع عن المعنى الأصيل، أمام هذا الركام الهائل من الوجوه أو الأحاديث(1). ومن الجدير بالذكر ان الشهيد المطهري، قد أبطل دعوى نسخ الآيات الداعية إلى السِّلم والعفو والصفح بواسطة الآيات الداعية إلى الحرب عندما قال: "إنّ معنى الناسخ المنسوخ هو إلغاء الأوامر الأولى واستبدالها بأوامر أخرى. إذن يجب أن تكون الأوامر الثانية بصورة بحيث تكون مائة بالمائة عكس الأوامر الأولى، ليتم اعتبار الأوامر الثانية حصيلة إلغاء الأوامر الأولى. أما إذا كانت الأوامر الأولى والثانية تقبل الجمع مع بعضها، أي تكون كل واحدة منها موضحة للأخرى، فليس هناك إذن أي ناسخ ومنسوخ لنقول أن واحدة جاءت لإلغاء الأخرى. وفي موردنا لا يوجد نسخ بل يمكن الجمع بين الآيات التي تدعوا للسِّلم مع تلك التي تدعوا للحرب مع الكافرين، من خلال قاعدة لغوية أصولية: هي ان المطلق يحمل على المقيد وعليه فالآيات المطلقة بشأن الحرب مثل آية: ?وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ?(سورة البقرة: 191)، محمولة على الآيات المبيحة للقتال بسبب العدوان أو الاعتداء مثل آية: ?وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ?(سورة البقرة: 190). و أمّا الآيات التي تنهى عن موالاة الكافرين، فليس معناها النهي عن مسالمتهم الإحسان إليهم، لان المراد من الموالاة اتخاذهم أخداناً يُستند بهم، ويُطمأن إليهم ويطّلعون على أسرار المسلمين. وبذلك تكون الآيات الداعية إلى السِّلم، وتكون آيات ___________________________ 1 ـ انظر: الإسلام ومنطق القوة للسيد فضل الله ص 223.