ـ(216)ـ خامساً : إعلان الحريات العامّة: جاء الإسلام لتحرير الإنسان من كل ألوان السيطرة والعبودية والاستغلال، والواجب على الحاكم الإسلامي أن ينفّذ هذه المهمة، ويعلن الحريات العامة لرعيته مسلمين كانوا أم غير مسلمين، ففي مجال العقيدة قال سبحانه وتعالى: "لا إكراه في الدين قد تبيّن الرّشد من الغيّ"(1). وكان الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم قد منح الحرية لجميع رعاياه من يهود ونصارى، فقد بقيت ريحانة بنت عمر وبن خنافة على يهوديتها وهي في ملكه، ورفضت الإسلام(2). وفي مجال الرأي والقول يجب على الحاكم أن يتقبل ما يصدر من رعاياه من أراء وأقوال طبقاً لقاعدة(الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، كتب أبو عبيدة ومعاذ بن جبل كتاباً لعمر بن الخطاب في خلافته جاء فيه: (... فانّا نحذّرك يوماً تعني فيه الوجوه، وتنقطع فيه الحجج لحجة ملك قاهر). فأجابهم: (... وأنكما كتبتماه نصيحة لي وقد صدقتما، فلا تدعا الكتاب إليّ فانّه لا غنى لي عنكما)(3). والواجب على الحاكم الإسلامي أن يمنح حرية الاعتراض لرعاياه وان كانوا خاطئين ما دام اعتراضاً سلمياً هادئاً، ففي عهد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم اعترض عمر بن الخطاب على عقد صلح الحديبية فأعطاهم صلّى الله عليه وآله وسلم الحرية الكاملة في تبيان وجهات نظرهم(4). وفي رواية عمر بن الخطاب يذكر فيها اعتراضه على الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم حينما أراد أن ___________________________ 1ـ البقرة: 256. 2ـ سيرة ابن هشام 3: 256. 3ـ مجمع الزوائد 5: 214، الهيثمي، دار الكتاب العربي 1402 هـ ط 2. 4ـ سيرة ابن كثير 3: 320.