ـ(214)ـ ثالثاً : الحرص على وحدة الأُمة الإسلامية: من أهم واجبات الحاكم الإسلامي هو الحفاظ على وحدة الأُمة الإسلامية ووحدة مركز قوتها وهي الحكومة الإسلامية، ولا يجوز لـه التفريط في هذا الواجب وهذه المسؤولية، فكان الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم يعمل جاهداً لتحقيق الوحدة بالنصائح المستمرة وباتخاذ الموقف العملي الواقع في طريقها، ففي أوائل الهجرة كتب صلّى الله عليه وآله وسلم كتاباً بين المهاجرين والأنصار وادع فيه اليهود وعاهدهم، وممّا جاء فيه: (هذا كتاب من محمّد النّبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم... إنهم أمة واحدة من دون الناس... وان المؤمنين المتّقين على من بغى منهم أو ابتغى... ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين وأن أيديهم عليه جميعاً... وانّ المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، وإنّه من تَبعنا من يهود فانّ لـه النصر والأسوة...)(1). وكان صلّى الله عليه وآله وسلم يحذّر من مخططات المنافقين الراميّة لتمزيق الدولة الإسلامية، وحينما اشتدت خطورتهم قام بحرق منزل سويلم اليهودي لاجتماع المنافقين فيه، وأمر بإحراق مسجد ضرار الذي اُسس للتفريق بين المسلمين(2). ومن أجل وحدة الأُمة والدولة قاتل عليّ بن أبي طالب أصحاب الجمل وصفّين والنهروان بعد ان استنفذ الطرق السلمية لإعادتهم إلى الطاعة. وكان الإمام الخميني حريصاً على وحدة الجمهورية الإسلامية وعلى وحدة الأُمة الإسلامية وأصدر فتاويه بحرمة كل ما يؤدي إلى تمزيق صفوف المسلمين وشجّع على التقريب بين المذاهب، واستمر الإمام الخامنئي على نهجه وتحت ظلّه أُقيم المؤتمر العاشر للتقريب بين المذاهب. ___________________________ 1ـ السيرة النبوية، 2: 147ـ 148، ابن هشام. 2ـ سيرة ابن هشام 4: 160ـ 174.