ـ(213)ـ (ثمّ اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممّن لا تضيق به الأمور... ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه،... وأقلّهم تبرماً بمراجعة الخصم... ثم انظر في أمور عُـمّـالك فاستعملهم اختباراً، ولا تولّهم محاباةً... وتوخ منهم أهل التجربة والحياء، من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام...)(1). ويتبع تعيين الإمناء والأكفاء مرحلة المراقبة والمحاسبة ليؤدّوا ما عليهم من وظائف دون تلكؤ أو تقصير أو قصور، فقد استعمل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ابن اللتبيّة على الصدقة فجاء بالمال وقال:(هذا مالكم، وهذه هديّة أهديت لي). فقال لـه النبي صلّى الله عليه وآله وسلم:(أفلا قعدت في بيت أبيك وأمّك فتنظر أيهدى إليك أم لا...)(2). وكتب الإمام علي عليه السلام إلى أحد وآلاته يهدّده:(وإنّي أُقسم بالله قسماً صادقاً، لئن بلغني أنّك خُنتَ من فيء المسلمين شيئاً صغيراً أو كبيراً، لأشُدنّ عليكَ شدّة تَدَعُكَ قليل الوفر ثقيل الظهر ضئيل الأمر)(3). وكان عليّ شديد المحاسبة لولاته وعمّاله، وكان عمر بن الخطّاب كذلك حتى انّه أعلن بكتابه إلى أهل الكوفة:(من ظلمه أميره فلا إمرة لـه عليه دوني...)(4). ___________________________ 1ـ نهج البلاغة 434ـ 437. 2ـ صحيح مسلم 3: 1463. 3ـ نهج البلاغة 377. 4ـ السنّة 1: 118، أبو بكر الخلاّل.