ـ(211)ـ وكان صلّى الله عليه وآله وسلم يستشير أصحابه ابتداءً، ويستمع إلى من يشير عليه وان لم يطلب مشورته، وأراد صلّى الله عليه وآله وسلم بهذا العمل أن يقتدي به الحاكم الإسلامي في كل العصور، والشورى وان اختلف في وجوبها في عهد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم فانّ وجوبها على غير المعصوم من الحكّام من القضايا المتسالم بها عند المسلمين، وذهب ابن عطية إلى القول:(والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب هذا ما لا خلاف فيه)(1). ويجب على الحاكم أن يستمع إلى جميع وجهات النظر المطروحة ويقلب الأمر على وجوهه كلّها، ثم يختار الأصوب منها والذي يحقق مصلحة الإسلام والأُمة، ويحق لـه أن ينفرد برأيه إن وجد الصواب به، قال الإمام علي عليه السلام لابن عباس:(لك أن تشير عليّ وأرى فإن عصيتك فأطعني)(2). وفي عهد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم ومن بعده من الخلفاء لم يكن هناك مجلس شورى يتعدد بأفراد معينين لبساطة الحياة وسهولة الأمور، ولم يحدد الإسلام طريقة معينة للشورى وإنما ترك المسلمين لاختيار ما يرونه مناسباً تبعاً لظروف عصرهم، وفي العصر الراهن بعد تعقيد وتشابك سبل الحياة وتطورها لابدّ من تشكيل مجلس شورى يضم مختلف أصحاب الخبرة والاختصاص، يشاورهم الحاكم أو يشيرون عليه ابتداءاً، ومن النماذج العصرية للشورى ما قامت به الجمهورية الإسلامية حيث شكّلت مجلساً للشورى شارك الشعب في انتخاب أعضائه ونصت المادة السابعة من الدستور على ما يلي: (تعتبر مجالس الشورى: مجلس الشورى الوطني، ومجلس شورى المحافظة والقضاء والقرية والمحلة وأمثالها من مراكز صنع القرار وإدارة شؤون الدولة). ___________________________ 1ـ المحرر الوجيز 3: 397، ابن عطية، الدوحة 1402 ط 1. 2ـ نهج البلاغة 531، تحقيق صبحي الصالح، بيروت، 1387 هـ.