ـ(170)ـ تشير عبارته هذه كما نرى إلى أنه ليس في قدرة المخلوق الوصول إلى مثل هذا الإبداع عند الخالق في كل شيء. قال تعالى: ?هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ?. ولو قدر للفقه أن يحيط بالإسلام لتوقف ركب الفقه عن أن يتقدم خطوة واحدة، لأنه ليس بعد الوصول إلى الإسلام من مطلب، ولرفعت الأقلام وجف الحبر وطويت الصحف. الفقه خطوة على درب الإسلام الذي لا ينتاهى، وما أبعد الفرق بين أن نجعل الفقه هو الإسلام، وبين أن نجعل الفقه خطوة في درب الإسلام، ومع هذا فإن الفقه هو من الإسلام، وليس إسلاماً كاملاً. إن النظر على أن الفقه هو الإسلام نظر يسد الباب للسير نحو التجديد والجديد، وهذا يعني إيقاف حركة الحياة والتاريخ. إن الفقه الجديد والتجديد في الفقه، خطوة أخرى في درب الإسلام، وبدونها لا نستطيع الوصول إلى المثل الأعلى، الذي نتجه إليه وهو الوحدة. إن الأجيال القادمة سوف تسحر منا إذا وقفنا عند مكيال الأجيال الماضية فلكل عصر مكيال. هل نبقى على مكيال وسواك وحبة البركة في المدينة المنورة؟ هل نقف عند الوسيلة ونترك الهدف والغاية والمقصد؟ إذا كان الإسلام هو الباقي، فلم الخلاف؟ فلكل فقيه فقهه، ليس لأحد حق في أن يفرض علينا فقهه، وإلا كان فقهه هو الإسلام الذي لا يتناهى، ولم يفعل ذلك أحد من قبل. ولقد رفض الإمام مالك ذلك حين طلبه منه، لأنه كان يعلم أن عند الإسلام الخبر اليقين. إن إعفاء أنفسنا من التجديد في هذا العصر إذا قامت فينا أسبابه لا يعني إلا اننا خلقنا عبثاً، أو اننا أموات في أجساد أحياء. وما دام الإسلام هو معيار الفقه فما هو